هل نحن جيل الفضائيات؟؟؟

السومري الجمعة نوفمبر 21, 2008 9:35 pm

كان أول مابنب جماهيري يحصل عليه العراقيون بعد سقوط النظام مباشرة هو أنهم هرعوا الى نصب صحون استقبال المحطات الفضائية فوق سطوح منازلهم، وصاروا الوحيدين في المنطقة الذين يمكنهم مشاهدة الفضائيات من دون تشفير أو رقيب. وأقبلوا عليها إقبال الجائع الملهوف والمتعب المحروم. وما كانوا يتصورون أن " شاشة " الفضائيات ستسطوا على أدوار الآباء والأمهات وتتحول الى أب ثان وأم ثانية ومعلم جديد لجيل مولود وأجيال ستولد.

وكان السيكولوجيون (علماء النفس) قد حذروا قبل ربع قرن من أن برامج العنف في التلفزيون، سيما برنامج " صور من المعركة " الذي كان يُبث من التلفزيون العراقي ابان الحرب العراقية الايرانية 1908-1988، تقدح غريزة العدوان وتذكي شراسته، وها هو قد أتى علينا اليوم بـ" أبهى " صوره "!.

وليت الكارثة وقفت عند هذا الحد. فقد هرع أصحاب الاموال والثروة إلى إنشاء محطات فضائية، صاروا يتسابقون الى حشوها بأغان تسمى عاطفية، وبرامج تسمى فنية. و(الحق) معهم، فمن ذا الذي يشاهد في هذا الزمن الذي تتهيأ فيه الثقافة للانتحار، قناة مخصصة للشعر أو الموسيقى أو المسرح أو الفيزياء والرياضيات، التي بتقدمها (أعني الرياضيات) غزا الاتحاد السوفيتي الفضاء قبل أمريكا، ودخل السوفيتي يوري غاغارين التاريخ بوصفه أول رائد فضاء في العالم . وبسبب هذه الصدمة أعادت أمريكا النظر في نظامها التربوي!، وها هي اليوم أول من يرسل سفينة تحط بنجاح على أول مذنب بالكون (مذنب هالي) وتستكشف المريخ واقاصي المجموعة الشمسية .

وصار اللهاث وراء مشاهدة هذه الشاشات هو الشغل الشاغل للمراهقين والشباب المأزومين جنسيا ونفسيا. وفلت من أيدي الآباء والأمهات والمربين جيل كامل صارت القنوات الفضائية هي المه وأباه ومعلّمه ومربيه.

هجمت على هذا الجيل وأخذته من أيدينا ثقافة الصورة الساحرة، وحركة الأجساد الطرية الشهوانية، والخلاعة التي كان آباؤنا يمارسونها مع زوجاتهم استحياء" في الظلام !، فيما تمارس الان أمامهم بالألوان والأفعال المغرية، حتى صارت الفاحشة مباحة.

فماذا يستطيع الآباء والمربون أن يفعلوا أمام تلفزيون ساحر وماكر مغر يداعب الرغبات المتقدة والمحرومة جنسيا والمضطهدة نفسيا؟!. ساحر يتقن لعبته ببراعة شهوانية، والشهوة هي أقوى الغرائز عند الأطفال والمراهقين والشباب، يمارس إذكاءها وتحريضها، فيما الآباء والمربون يمارسون ترويضها لديهم ليكونوا مهذبين متحضرين مثقفين ومبدعين. وبالتالي سيظهر جيل بلا مثقفين وبلا مبدعين. ثم ألا تتفقون معي أن نسبة المبدعين في العالم ككل، سيما في الشعر والرواية والمسرح، كانت أعلى في زمن ما قبل الفضائيات ؟!.

والكارثة الخفية،خلف فجائعنا المعلنة، هي أن معاول الإطاحة بالثقافة والأخلاق، ستكتسح مساحة الممنوعات بمدّ أقوى من المدّ البحري (التسونامي) الذي غير جغرافية الأرض. وسيغير بالتأكيد من تضاريس نفوس جيل بكامله في عراق كان متوقعا له أن يكون بعد الحدث العظيم نمرا آسيويا يتقدم حتى على كوريا الجنوبية وماليزيا...فصار "مختبرا" للطبيعة البشرية، تختبر فيه الآن تجربة :" كيف يكون حال مجتمع حدوده الأرضية مفتوحة للإرهاب وحدوده الفضائية مفتوحة للفضيحة ؟".

ولكن يبقى ان يُـفاجأ العراقيون علماء الاجتماع والنفس والسياسة بنتيجة لا تخطر على بال، بعد أن أثبتوا للعالم نظرية جديدة هي : " أن الإنسان يمكن أن يتصرف بعقلانية في عالم مجنون بشكل غير عقلاني !".

عن: الدكتور قاسم حسين صالح العزيز
نشرت في الحوار المتمدن - العدد: 1915 - 2007 / 5 / 14

احمد علي السبت نوفمبر 29, 2008 8:11 am

شكرا للاخ السومري على المقالة القيمه هذا من ناحية اما من الناحية الاخرى فانا اؤيد ماجاء في المقطع الاخير من المقالة حول النظرية الجديدة..
اجزم ان الرهان المستقبلي على العراقيين لن يكون رهانا خائبا باذن الله..

السومري السبت نوفمبر 29, 2008 4:29 pm

عزيزي السيد احمد علي المحترم
لطللما فاجأ العراقيون العالم بقوتهم وصلابتهم فهم كطائر العنقاء يحرقه (العربان) لينهض من رماده من جديد
حاول الظلاميون اصحاب السكاكين الطويلة والذباحين من شراذم البعث الساقط اشعال حرب طائفية وافشل الشعب بذكائه الفطري كل ما خطط له في عواصم الخباثة والدجل...
حاولوا اغتيال قياداته السياسية وعلماءه ومفكريه فبرز للساحة اخرون اقوى واصلب فرحم العراق الولودة منذ 7000 سنه لا ولن تنضب
هجروا نصف الشعب ابان الثمانينات وفي 2005-2006 ودفنوا النصف الاخر في الحفر وزنازين السجون وخرج الشعب ليكمص قادتهم المختبئين في الحفر ثم ليعلقهم على حبال المشانق
وحاربوه بالاف الساعات من البث الاعلامي والدجل الكاذب فكان رد الشعب ان دعم حكامه المنتخبين الوطنيين ورمى بتلك الفضائيات الخبيثة في مابنلة (الستلايت)
وما دام هناك الاف الوطنيين المخلصين من امثال السيد احمد علي فان سهامهم الغادرة سترتد الى نحرهم
(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)

بصراوي وافتخر الثلاثاء يناير 27, 2009 5:56 am

موضوع جميل جداً شكراً يا سومري

بصراوي وافتخر الثلاثاء يناير 27, 2009 5:57 am

تقبل مروري

هل نحن جيل الفضائيات؟؟؟

هل نحن جيل الفضائيات؟؟؟

رد: هل نحن جيل الفضائيات؟؟؟

الغراقيون.. هم الحصان الاسود

رد: هل نحن جيل الفضائيات؟؟؟

رد: هل نحن جيل الفضائيات؟؟؟