البصرة وموروثها الشعبي

السومري السبت نوفمبر 22, 2008 7:17 am

البصرة مدينة الشعر والشعراء مدينة السياب والحسن البصري ومدينة الفن والعطاء التي كانت ولا تزال منار الخليج العربي وذات الموروث الشعبي الغزير والمؤثرات الشعبية التي سميت بالفلكلور وهذه المؤشرات بالنسبة للغناء والموسيقى والرقص الشعبي وكذلك لسائر الفنون الأخرى تعتبر المنابع الفنية الأكثر شمولاً في حياة مجتمع كالمجتمع البصري.

احتفظت هذه الفنون بقدرة فائقة على البقاء والانتقال من جيل الى آخر حتى الآن لأنها سهلة التذوق وذات تأثيرات جمالية معينة وهي ثمرة من ثمار العطاء الحضاري، فقد كان المجتمع البصري ذواقاً للموسيقى والغناء كأغاني البحر وأغاني خاصة بفرقة الخشابة والخشابة مجموعة من عازفي الإيقاع ((آلة صغيرة من الفخار تسمى، الدنبك)) تقوم بعزف وزن ايقاعي خاص يسمى (إيقاع الخشابة) وبمرافقة الغناء يبرز منهم عازف منفرد على الإيقاع بصولو وتنويعات وتكوينات إيقاعية ضمن الرثم الايقاعي ويسمى هذا العازف "الكاسور" ويتوجب على هذا العازف الانفرادي ضبط الإيقاع وعليه إتمام القفلة الغنائية. ومن اشهر عازفي "الكاسور" اسعد خضير الملقب بـ(سعد اليابس).

وفي الستينيات من القرن الماضي نشأت فرق كثيرة منها فرقة (أبو دلم) في قضاء الابنير وكذلك فرقة (الملا عدنان) وفي قضاء أبو الخصيب فرقة (أبو مانع) وفرقة "ربيع أبو الفالول وأبو عتيگة" وفي البصرة القديمة فرقة (محمد بتور) وفرقة (حسن بتور) ولم تكن ضمن تشكيلة هذه الفرق أية آلة وترية إلى أن أدخلت آله العود في فرقة (أبو دلم) وبعدها في جميع فرق الخشابة وبعدها أدخلت آلة الكمان.

ولم يقتصر عزف الموسيقى والغناء على الرجال فقط فهناك فرق خاصة بالنساء ولهن لون خاص بهن من الغناء السامري والهيوة وكن يضربن على الطبول والمزاهر ((الطيران)) والسامري والنكازي هي أوزان إيقاعية خاصة ومن اشهر هذه الفرق فرقة (سليمة البصرية) (وأم علي) وفرقة (حمدية) وفرقة (المناهل) وقد سجلت بعض فعاليات هذه الفرق لتلفزيون الكويت بالإضافة إلى أقدم هذه الفرق النسائية فرقة (زكية) وتسمى (زكية الداگوگة) وكانت تدعى الى بيوت الأكابر والإشراف في البصرة وهي لم تغنِ في نادي ليلي أو ملهى كما صورها المسلسل التلفزيوني مناوي باشا.

ومن الموروث الموسيقي الشعبي الوافد من بلدان أفريقيا والذي تلاقح وتزاوج مع الفن البصري الأصيل وأصبح له لون خاص به هو أغاني ورقصات ذوي البشرة السوداء والتي تسمى منها (الهيوة والنوبات والاندروكا) حتى إن بعض الآلات الإيقاعية بقيت محافظة على اسمها الأفريقي كآلة البيبة ومسوندو، والكاسر، والجكانكا. ومن الآلات الموسيقية الوترية آلة (الطنبورة) وهي آلة وترية تشبه آلة (الهارب) وكذلك آلة النفخ "الصرناي" وهي تشبه آلة (الزرنة) إلا إن (الصرناي) اكبر منها.

وللحفاظ على هذا الموروث الشعبي الموسيقي شكلت فرقة البصرة للفنون الشعبية عام 1976 وكان الغرض منها الحفاظ على هذا التراث وبالرغم من النجاحات التي رافقت الفرقة ومشاركاتها الفعالة في اغلب المهرجانات كمهرجان بابل والمهرجانات خارج القطر كمهرجان جرش ومهرجان الفحيص بالأردن ومشاركاتها العديدة في الأسابيع الثقافية والحفلات في دول العالم والتي أكسبتها شهرة عالمية حيث قدمت عروضها في الاتحاد السوفيتي سابقاً وبولندا وإنكلترا وأوابنابنتان وألمانيا وتونس والمغرب وفي دول الخليج العربي، رغم هذه المشاركات والفعاليات للفرقة الا انها الى الآن لم تحظ بتشجيع أو اهتمام سواء من مسؤولي المحافظة أو مسؤولي وزارة الثقافة باعتبارها إحدى دوائرها لأنها تابعة لدائرة السينما والمسرح بل تفتقر إلى المكان أو المسرح اللائق لتمارس تمارينها لتعود إلى سابق مجدها وتألقها لتحافظ على هذا الموروث من الضياع والنسيان.

منقول عن منتدى زرياب للموسيقى الشرقية.